نعم أننا نجد ـ خلافاً للتصور المذكور ـ أن الصبغة العامة للخطابات القرآنية هي عمومية الخطاب و شموليته في الغالب ، فكثيراً ما نجد القرآن الكريم يخاطب العقلاء جميعاً من دون استثناء أو تمييز كما في توجيهه الخطاب لأولي الألباب من دون التعرض للغتهم ، و كذلك لدى توجيهه الخطاب للإنسان ، أو للناس ، أو للعالمين ، بل نجده يتخطى افراد النوع الانساني و يوجِّه خطابه الى الجن أيضاً في آيات عديدة سوف نشير إليها.
السماوية على النبي محمد — صلى الله عليه وسلم — وهو خاتم الأنبياء والمرسلين نذيرًا لهم ، أي تحذير للناس ، فما معنى العالمين في الآية البشر أم الناس ، ولذلك نزل الجواب على سؤال الله تعالى أن القرآن كان تحذيرًا ، وهو أحد الأسئلة في الوحدة الرابعة بعنوان قرآن الله ، وقد اتضح تفسير سورة الفرقان ، تمامًا مثل الكفار ظلموا أنفسهم بادعاء أن القرآن الكريم كذب.
وعن أبي بن كعب : ليتذكر أي لينظر الناظر في اختلافهما ، فيعلمأنه لا بد في انتقالهما من حال إلى حال من صانع رحيم للعباد ، أَوْ أَرادَ شُكُوراً ٦٢ أي ليشكر الشاكر علىالنعمة فيهما من السكون بالليل والتصرف في النهار.
وقت الجزاء استثقالا للاستعداد له ، فإنهم لا يتحملون مشقة النظر ، فلهذالا ينتفعون بما يورد عليهم من الدلائل وَأَعْتَدْنا لِمَنْكَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً ١١ أي جعلنا نارا عظيمة شديدة الاشتعال معدة لمن كذب بوجود القيامة ، إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ أي من مسيرة عام كما قاله الكلبي والسدي سَمِعُوا لَها أي النار تَغَيُّظاً أي صوت غليانها ، وَزَفِيراً ١٢ أي صوتا شديدا كصوتالحمار وَإِذا أُلْقُوامِنْها أي النار مَكاناً ضَيِّقاً.
يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ منصوب بعامل دل عليه «لا بشرى»أي يبغون البشرى يوميرون ملائكة العذاب قائلين : لا بُشْرى يَوْمَئِذٍلِلْمُجْرِمِينَ أي الكافرين في كل الأوقات فإنهم يشافهون في أول الأمربما يدل على نهاية اليأس والخيبة ، فذلك هو النهاية في الإيلام وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً ٢٢ أي يقول الكافرون الذين طلبوا نزول الملائكة إذا رأوا الملائكة وفزعوامنهم عند الموت : ويوم القيامة حجرا محجورا ؛ وهي كلمة كانوا يقولونها عند لقاءالعدو ونزول شدة ، ويضعونها موضع الاستعاذة.
قَوْلُهُ تَعَالَى: صَرَّحَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ لَا يَكْفُرُ بِهِ أَحَدٌ كَائِنًا مَنْ كَانَ إِلَّا دَخَلَ النَّارَ.