قصة بئر رومة : إن الجزيرة العربية هي أرض قليلة الماء ويسيرة المصادر الغذائية ، ولما قدم المهاجرون مع رسول الله إلى المدينة المنورة استغربوا ماءها ، إذ لم يكن في المدينة ماء عذب إلا بئر لرجل اسمه رومة ، وهناك اختلاف في تحديد أصله ، فقيل : هو من بني كنانة ، وقيل من بني مزينة ، وقيل إنه من اليهود وكانت هذه البئر عذبة الماء كماء زمزم ، الذي تعود عليه الصحابة في مكة المكرمة.
عن بشر بن بشير الأسلميّ، عن أبيه قال: لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء، وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة، وكان يبيع منها القربة بمُدّ.
هذه رواية أخرجها ابن منده.
فلما علم عثمان بن عفان رضي الله عنه بالأمر ذهب إلى اليهودي وأخبره أنه يريد أن يشتري بئر رومة فرفض اليهودي بيع البئر ،هنا ساومه عثمان أن يشتري منه نصف الئر بمبلغ اثني عشر ألف درهم فيكون يوماً له ويماً لليهودي يبيع منه ، فوافق اليهودي وتم البيع ،ظناً من اليهودي أن عثمان إنما يتشري البئر للتجارة مثله ، لكن الذي حدث هو العكس فقد جعل عثمان بن عفان رضي الله عنه يومه لله وفيه يأخذ المسلمون الماء دون أجر ، وقل الطلب على الماء في يوم اليهودي حتى انقطع ، فشعر اليهودي بالخسارة وذهب إلى عثمان وقال له أفسدت علي تجارتي فاشتري مني النصف الآخر ، فاشتراه عثمان بثمانية آلاف درهم ليصبح إجمالي قيمة بئر رومة عشرين ألف درهم ،ثم أوقفه عثمان بن عفان رضي الله عنه لله سبحانه وتعالى حتى يومنا هذا.
والماء في المدينة المنورة موجود، لكنه ليس متاحا للجميع.
البئر في يومنا هذا قد استأجرته وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية من وزارة الأوقاف، وقامت بزراعة المنطقة المحيطة به بالنخيل حتى بلغ عدد أشجار النخيل المزروعة والمروية بماء بئر رومة أكثر من ١٥،٥٠٠ نخلة على مساحة ما يقرب من ١٠٠ ألف متر، ولأن البئر وقف باسم الصحابي الجليل عثمان بن عفان، فإن ثمار النخيل توزع على الفقراء والمحتاجين.