utexas.
فالمسلمون يعرفون كل ذلك، ولكنهم لم يتهيبوا، ولم تمنعهم الصعوبات من المحاولة بل أقدموا واقتحموا وأثبتوا للبيزنطيين أن عاصمتهم رغم مناعتها وقوة تحصينها فهي ليست بعيدة المنال وأنهم على استعداد للصبر والمصابرة، وبذل الأرواح في سبيل إنهاك أعداء الإسلام، ومع أن الحملة لم تنجح عسكريًا إلا أنها تعتبر ناجحة من الوجهة السياسية حيث جعلت شغل الأباطرة الشاغل هو الدفاع عن عاصمتهم.
وعلى الرغم من ضخامة الجيش حوالي ثمانين ألفًا، والأسطول أكثر من ألف وثمانمائة سفينة، وإحكام الحصار على المدينة إلا أن الحملة لم تنجح في الاستيلاء عليها لعدة أمور منها: - خدعة إليون الإيسوري لمسلمة بن عبد الملك؛ فقد تظاهر هذا الرجل بعرض خدماته وتسهيل الطريق لوصول المسلمين إلى القسطنطينية، ولكن إليون كان يبيت في نفسه أمرًا خطيرًا وهو استغلال المسلمين في الوصول إلى عرش بيزنطة، ثم ردهم عن القسطنطينية عندما يتمكن من ذلك، وحقق إليون هدفه ووصل إلى عرش بيزنطة وكان أول شيء فعله هو التصدي للمسلمين وردهم عن العاصمة، وكان قد مكر بالمسلمين ليضعف مركزهم، ويضعهم في موقف حرج حيث أشار عليهم بحرق ما معهم من طعام، فقال لمسلمة: إن الروم قد علموا أنك لا تصدقهم القتال، وأنك تطاولهم ما دام الطعام عندك، فلو أحرقته أعطوا الطاعة بأيديهم؛ فأُمِرَ به فأُحْرِقَ فقوي أمر الروم، وضاق المسلمون حتى كادوا يهلكون.