كما أن العلماء مختلفون في دخول غير الحاجبين من شعر الوجه في النمص المنهي عنه شرعًا حيث يرى بعض علماء المذاهب والمالكية في المعتمد عندهم أن نتف غير الحاجبين من شعر الوجه جائزٌ لا حرمة فيه، خلافًا للجمهور القائلين بدخول ذلك في النمص المتوعَّد على فعله في الحديث الشريف، وقول الجمهور هو ما نرجحه ونميل إلى الأخذ به وأوضح جمعة، أنه لا حرج في حلاقة اللحية أو أخذ الوجه بالفتلة لمن طلب من الحلاق ذلك، ما دام الحلاق يقلّد من أجاز ذلك من العلماء، ناصحا بالابتعاد قدر الإمكان عن ممارسة ذلك.
وللشعر في الشريعة الإسلامية أقسامٌ ثلاثةٌ: فأولها ما جاء الأمر بإزالته، وثانيها ما جاء الأمر بتركه والإبقاء عليه، وآخرها ما سكت عنه الشارع، فأباح أخذه وأباح إبقاؤه، فأمّا مثال النوع الأول المأمور بإزالته؛ فهو كشعر العانة، وشعر الشارب المأمور بقصّه، وشعر الإبط المأمور الإنسان بنتفه، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: خمسٌ من الفطرةِ: الختانُ، والاستحدادُ، ونتفُ الإبطِ، وتقليمُ الأظفارِ، وقصُّ الشاربِ ، وأمّا ما أمرت الشريعة بالإبقاء عليه، فمثاله؛ شعر لدى الرجل، وشعر الحاجبين بالنسبة للذكر والأنثى، وأمّا مثال ما سكت عنه الشارع؛ فهو كشعر الساقين، وشعر الذراعين، وشعر الظهر والصدر، فذلك النوع من الشعر متروكٌ للإنسان، إن رأى لنفسه في إبقاءه أبقاه، وإن رأى لنفسه مصلحةً في نزعه أو حلقه، فله ذلك أيضاً، فالحلال هو ما أحلّه الله عزّ وجلّ، والحرام هو ما حرّمه الله -عزّ وجلّ- أيضاً، وأمّا ما سكت الله -تعالى- عنه، فهو من المعفو عنه.
.
حكم نمص الحواجب بعد الحديث عن حكم إزالة شعر الحواجب بالشفرة، إنَّ حكم نمص الحواجب في الإسلام هو التحريم، وأدلة التحريم كثيرة في القرآن الكريم وفي ، فنمص الحواجب هو تغييرٌ لخلق الله تعالى، وهذا ما نهى عنه الله -تعالى- في : {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا}، وجاء في صحيح السنة النبوية أنّ -رضي الله عنه- قال: "لعَن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الواشماتِ والمُستوشِماتِ والمُتنمِّصاتِ والمُتفلِّجاتِ للحُسنِ المُغيِّراتِ خَلْقَ اللهِ"، والله تعالى أعلم.
فالمسلم مخيّر إن أراد إزالة وإن أراد أبقاه، والأفضل أن يتركه على طبيعته ليبتعد عن الشّبهات.
الفرق بين الحلق والنتف يُعرَّف الحلقُ في اللغة على أنَّه مصدرٌ للفعل حلَقَ، يحلقُ، ومعناه إزالة الشَّعر من مكان ما، فحلق رأسه أي أزالَ عَنْ رأسِهِ الشَّعرَ، والحلق هو الحفُّ، أي أخذ الشعر وحفُّه، أمَّا النتف فهو في اللغة مصدر للفعل نتفَ، ينتفُ، وهو نزع الشعر ونتشه نتشًا، أي هو إزالة الشعر من جذر وليس قصه قصًّا، والنتف في الإسلام هو النمص أيضًا، فقد جاء في تعريف مفهوم النمص أنَّه نتف شعر الوجه وتحديدًا شعر الحاجبين، وقد عرَّف الخليل النمصَ بقوله: "النمص: رقة الشعر حتى تراه كالزغب، وامرأة نمصاء، وهي تتنمص أي: تأمر نامصة، فتنمص شعر وجهها نمصًا؛ أي: تأخذه عنها بخيط فتنتفه"، وفي هذا المقال سيتمُّ الحديث عن حكم إزالة شعر الحواجب بالشفرة إضافة إلى الحديث عن حكم نمص الحواجب في.