كان إماما ، وفي الأخرى كان مأموما ، قال : والدليل على ذلك أن في خبر عبيد الله بن عبد الله عن عائشة { أنه عليه السلام خرج بين رجلين : العباس.
قَوْلُهُ : وَسَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ إنَّمَا قَدَّمَ ذِكْرَ الْأَنْفِ ؛ لِأَنَّهُ يُوضَعُ أَوَّلًا مَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ عِنْدَ السُّجُودِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ الْجَبْهَةِ وَمِنْ شَرْطِ جَوَازِ السُّجُودِ أَنْ لَا يَرْفَعَ قَدَمَيْهِ فِيهِ فَإِنْ رَفَعَهُمَا فِي حَالِ سُجُودِهِ لَا تُجْزِئُهُ السَّجْدَةُ وَإِنْ رَفَعَ أَحَدَهُمَا قَالَ فِي الْمَرْتَبَةِ يُجْزِئُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ ، وَلَوْ صَلَّى عَلَى الدُّكَّانِ وَأَدْلَى رِجْلَيْهِ عَنْ الدُّكَّانِ عِنْدَ السُّجُودِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا عَلَى السَّرِيرِ إذَا أَدْلَى رِجْلَيْهِ عَنْهُ لَا يَجُوزُ ، وَلَوْ كَانَ مَوْضِعُ السُّجُودِ أَرْفَعَ مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمَيْنِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ إنْ كَانَ التَّفَاوُتُ مِقْدَارَ اللَّبِنَةِ أَوْ اللَّبِنَتَيْنِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ وَأَرَادَ اللَّبِنَةَ الْمَنْصُوبَةَ لَا الْمَفْرُوشَةَ وَحَدُّ اللَّبِنَةِ رُبُعُ ذِرَاعٍ قَوْلُهُ : فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّمَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَنْفِ إذَا سَجَدَ عَلَى مَا صَلُبَ مِنْهُ أَمَّا إذَا سَجَدَ عَلَى مَا لَانَ مِنْهُ وَهُوَ الْأَرْنَبَةُ لَا يَجُوزُ.
قَوْلُهُ : وَلَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ أَكَلَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى يُنَافِي الصَّلَاةَ وَحَالَةُ الصَّلَاةِ مُذَكِّرَةٌ ، قَالَ فِي الْغَايَةِ مَا أَفْسَدَ الصَّوْمَ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ وَمَا لَا فَلَا حَتَّى إذَا كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ شَيْءٌ مِنْ طَعَامٍ فَابْتَلَعَهُ إنْ كَانَ دُونَ الْحِمَّصَةِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِرِيقِهِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْحِمَّصَةِ فَصَاعِدًا أَفْسَدَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ ، وَلَوْ ابْتَلَعَ دَمًا بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ إذَا كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلرِّيقِ وَإِنْ ابْتَلَعَ سِمْسِمَةً أَفْسَدَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تُفْسِدُ.
قَوْلُهُ : وَلَا يَلْتَفِتُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { إيَّاكُمْ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ هَلَكَةٌ } وَالِالْتِفَاتُ الْمَكْرُوهُ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ حَتَّى يَخْرُجَ وَجْهُهُ عَنْ وِجْهَةِ الْقِبْلَةِ ، وَأَمَّا إذَا الْتَفَتَ بِصَدْرِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ نَظَرَ بِمُؤْخِرِ عَيْنِهِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ لَا يُكْرَهُ { ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُلَاحِظُ أَصْحَابَهُ فِي صَلَاتِهِ بِمُؤْقِ عَيْنَيْهِ } مُؤْقُ الْعَيْنِ طَرَفُهَا مِمَّا يَلِي الْأَنْفَ وَاللِّحَاظُ طَرَفُهَا مِمَّا يَلِي الْأُذُنَ ، وَمُؤْخِرُ عَيْنَيْهِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ مُخَفَّفًا طَرَفُهَا الَّذِي يَلِي الصُّدْغَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ ؛ لِأَنَّهُ كَالِالْتِفَاتِ وَأَنْ يُطَأْطِئَ رَأْسَهُ ؛ لِأَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُدَبِّحَ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ تَدْبِيحَ الْحِمَارِ } وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَمَايَلَ عَلَى يُمْنَاهُ أَوْ يُسْرَاهُ.
قال عبيد الله : فعرضت على ابن عباس حديث عائشة ، فما أنكر منه شيئا ، غير أنه قال : أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس ؟ قلت : لا ، قال : هو علي } انتهى.
وأخرج أيضا عنه ، قال : من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات ، حيث ينادى بهن ، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم ، كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد ، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ، ويرفعه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا ، وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف انتهى.