فَقَدْ يُقَالُ لِمَ حَدَّثَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ عَنْ هَؤُلَاءِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يُحْتَجُّ بِهِمْ ؟ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُمْ رَوَوْهَا لِيَعْرِفُوهَا ، وَلِيُبَيِّنُوا ضَعْفَهَا ; لِئَلَّا يَلْتَبِسَ فِي وَقْتٍ عَلَيْهِمْ ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ ، أَوْ يَتَشَكَّكُوا فِي صِحَّتِهَا.
قَوْلُهُ : كَتَبْتُ إِلَى عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ، عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ شُعْبَةَ أَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ قَاضِي وَاسِطٍ فَكَتَبَ إِلَيَّ : لَا تَكْتُبْ عَنْهُ شَيْئًا وَمَزِّقْ كِتَابِي وَأَبُو شَيْبَةَ هَذَا هُوَ جَدُّ أَوْلَادِ أَبِي شَيْبَةَ وَهُمْ : أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ وَالْقَاسِمُ بَنُو مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو شَيْبَةَ ضَعِيفٌ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانَهُ وَبَيَانَهُمْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ ، وَوَاسِطٌ مَصْرُوفٌ ، كَذَا سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ ، وَهِي مِنْ بِنَاءِ وَقَوْلُهُ : مَزِّقْ كِتَابِي هُوَ بِكَسْرِ الزَّايِ أَمَرَهُ بِتَمْزِيقِهِ مَخَافَةً مِنْ بُلُوغِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ.
وَمَعْنَاهُ : نَهَى أَنْ نَتَّخِذَ الْحَيَوَانَ الَّذِي فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا أَيْ هَدَفًا لِلرَّمْيِ فَيُرْمَى إِلَيْهِ بِالنُّشَّابِ وَشِبْهِهِ ، وَسَيَأْتِي إِيضَاحُ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيَانُ فِقْهِهِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ : وَأَحَسَّ الْحَارِثُ بِالشَّرِّ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ مِنْ أُصُولٍ مُحَقَّقَةٍ أَحَسَّ وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ أَوْ أَكْثَرِهَا حَسَّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَهُمَا لُغَتَانِ حَسَّ وَأَحَسَّ ، وَلَكِنَّ أَحَسَّ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَآخَرُونَ : حَسَّ وَأَحَسَّ لُغَتَانِ بِمَعْنَى عَلِمَ وَأَيْقَنَ.
وقوله : قال : نعم يا النسائي داود بن أبي هند ويونس بن عبيد أبا إسماعيل كأنه وافقه على جرحه ، وأبو إسماعيل كنية حماد بن زيد.
وَقِيلَ ، أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَلِشُعْبَةَ : لِمَ تَرَكْتُمَا حَدِيثَ حَكِيمٍ ؟ قَالَا : نَخَافُ النَّارَ.