وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، فإذا من أول العوائق التي تعوق دون الاتصاف بصفة القوامة بالعدل، هو نفس الإنسان فينبغي أن يكون قائما بالعدل والقسط ولو على نفسه، فيه إشارة إلى هذا الجانب، أو تصريح بأن النفس، نفس الإنسان الذي بين جنبيه هي سبب لتنكبه طريق الحق والقسط.
قال القاري والله أعلم بالمراد: "إذ قد يتصور أن يكون الإصلاح في فساد يتفرع عليه سفك الدماء، ونهب الأموال، وهتك الحرم أفضل من فرائض هذه العبادات، القاصرة مع إمكان قضائها على فرض تركها فهي من حقوق الله التي هي أهون عنده سبحانه من حقوق العباد" وقيل المراد بذات البين المخاصمة والمهاجرة بين اثنين بحيث يحصل بينهما بين فرقة والبين من الأضداد الوصل، والفرق وفساد ذات البين الحالقة أي هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق الدين وتستأصله كما يستأصل الموس الشعر.
فهذه هي صفات المؤمنين والمؤمنات ، وهذه هي أخلاقهم ، بعضهم أولياء بعض لا حقد ولا حسد ولا نميمة ، ولا غش ولا خداع ولا خيانة ولا تنابز بالألقاب ، ولا غير ذلك مما يؤذي المسلم أو المسلمة مما يسبب الشحناء والبغضاء والعداوة والفرقة.
ولذلك ذكر كثير من المفسرين أن خاصية الإيمان، على أهميتها، إذ يترتب قبول العمل وعدم قبوله عليها، أي على خاصية العقيدة، الإيمان بالله سبحانه وتعالى، لكنها جاءت متأخرة عن هذه الخاصية كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ثم جاءت صفة الإيمان بالله سبحانه وتعالى، ذلك أن صفة الإيمان بالله اشتركت فيها هذه الأمة مع غيرها من الأمم، فكثير من الأمم السابقة تؤمن بالله وبالرسل التي أرسلت إليهم، لكنّ هذه الخاصية قدمت لأنها من أبرز مميزات هذه الأمة.
أخي المسلم : اعلم أنَّ مَن نَمَّ إليك نَمَّ عليك ، والنمام ينبغي أنْ يُنصَحَ ويُرشَدَ ، وإلا فَيُترك ويُبغَض ولا يُوثَق بقوله ولا بصداقته ، وكيف لا يبغض وهو لا ينفك عن الكذب والغيبة والغدر والخيانة والغل والحسد والنفاق والإفساد بين الناس والخديعة.
وقد عانت البشرية ردحا من الزمن في صقع من أصقاع الأرض لتحكم فئة من الناس فكان الواحد يتحكم في مجموع الناس، وذلك في العصور الإقطاعية، وقد طال ذلك فتململ الناس وثاروا على هذا الوضع، وقاموا عليه وانفلتوا منه.