فقد تمكّن المجتمع اليثربي في ظل هذه الصحيفة من تخفيض منسوب النزاعات والتوتّرات بين مكوّناته الدينية والإثنيّة، ومن انهيار منظوماتهم الأخلاقية، بل إنّ الأبعاد السّياسية والمدنية والرمزية لهذه الوثيقة كانت أكثر أهمية من أبعادها المادية والدينية، فقد تجسّدت في ظلّها قيم التعدّدية والتّسامح والمشاركة في الدّفاع عن المدينة.
وهذا المبدأ الذي ورد في "صحيفة المدينة" هو تأكيد على بناء نظام العلاقات الاجتماعية والسياسيّة وفق معايير "مواطنية" جديدة، ألزمت مختلف الطوائف من المؤمنين ومن غير المؤمنين مسلمون ويهود ووثنيين ، المهاجرين والأنصار، باحترام هذا الاتفاق والالتزام بالمعاملة الحسنة وبالمعروف والقسط والمؤاخاة بينهم.
ومع ذلك، روّجت المصادر الإسلامية لبعض القصص التي تربط بينه وبينهم، وهي في أغلب الظن قصص مُختلقة، وُضعت في فترة متأخرة نسبياً، وظهر فيها اليهود كمصدر تهديد للنبي العربي.