ثالثها: أن يشك في طهارة فمه أو عضوه الذي غسله فيه، أما إذا كان على فمه نجاسة محققة، فإن غيرت أحد أوصاف الماء الماء فإنه لا يصح الوضوء منه، لأنه يصير نجساً وإن لم تغير أحد أوصافه كان استعماله مكروهاً فقط، ومن ذلك أيضاً الماء الذي شرب منه حيوان لا يتوقى النجاسة، كالطير، والسبع، والدجاج، إلا أن يصعب الاحتراز منه، كالهرة.
.
حيث لا يجدون سواها، فأباحت الشريعة الإسلامية لمثل هؤلاء أن يستعملوا ذلك الماء إذا أمنوا شره، يدل لذلك ما روى البخاري معناه أن المسلمين لما هاجروا من مكة إلى المدينة، أصيب كثير منهم بالحمى، فأشار بعض مفكري المسلمين يومئذ بردم مستنقع، يقال له: بطحان، فلما ردم ذهبت الحمى، وقد قالت السيدة عائشة رضي اللّه عنها: كان بطحان يجري ماء آسناً، أي متغيراً، فما تقوم - به مصلحة الصحة - من فرض الأتابيب التي يجري فيها الماء، وهدم - المياضئ، والمغاطس — حذراً من تغير الماء وتلوثه بما يضر، هو من أغراض الدين الإسلامي الصحيحة، فإن قضاياه مبنية على جلب المصالح، ودرء المفاسد.