ثم أمر بدفن الإمبراطور بما يليق بمكانته ، وقد أعطى السلطان للنصارى حرية إقامة الشعائر الدينية واختيار رؤسائهم الدينين الذين لهم حق الحكم في القضايا المدينة ، كما أعطى هذا الحق لرجال الكنيسة في الأقاليم الأخرى ولكنه في الوقت نفسه فرض الجزية على الجميع.
لا يغير من هذه الحقيقة بعض الإساءات التي وقعت خلال 13 قرنًا.
ولا تزال هذه جميعًا حاضرة في القرآن الكريم، وفي سيرة الرسول الكريم وسنته، وفي تراث المسلمين الذي تنعم بها ذاكرتهم، وفي ثقافتهم وفي تطلعاتهم، تتذاكرها الأجيال المتعاقبة، يتدارسونها ويلمسون حاجتهم الماسة إليها.
وكان جورج لا يدع الذهاب إلى الكنيسة بل ويحرص أن يصطحب زوجته وأولاده.
أحدَّ جورج شفرته ووجه الخروف إلى حيث اتجاه القبلة وأراح ذبيحته، بعدها بدأت الزوجة في تجهيز الأضحية ثلاث أثلاث حسب السنة وكانت تعمل بعجل وسرعة… فزوجها قد رفع صوته وبدا عليه الغضب وانتفخت أوداجه: هيا لنذهب إلى الكنيسة فليوم يوم الأحد!! إذاً، لماذا يصرون على تلك الافتراءات؟ وماذا يريد الغرب حقًا من المسلمين الذين ترزح بلادهم تحت الهيمنة المباشرة للغرب وأعوانه وعملائه، الذين ينهبون ثروات المسلمين ليل نهار، ويستغلون مقدراتهم أبشع استغلال لخدمة الغرب وسياساته؛ لذلك كان لا بد من قراءة الوضع بشكل متأنٍّ، في محاولة لفهم ماهية هذه الحرب الشعواء، التي يتم تحت مظلتها التهجم على الإسلام والنيل من المسلمين، إضافة إلى قتلهم وتشريدهم بشكل مفجع ومستمر ومستفز، مباشرة أو من خلال زجهم في صراعات وحروب مشبوهة، تُخاض بهم وعليهم، ليس للمسلمين منها إلا نزف الدماء ودفع التكاليف وذرف العبرات واجترار الحسرات.
هز أحمد يده ورفعها وقال: عشت في أمريكا أكثر من عشر سنوات، والله ما رأيت أحداً من الكفار احتفل بأعيادنا، ولا رأيت أحداً سأل عن مناسباتنا ولا أفراحنا! إن ما ذكرناه من حاجة العالم إلى نظام بديل يلمسه كثير من الغربيين كما يلمسه المسلمون أنفسهم، وإذا كان المسلمون يعيشون الحسرة والمرارة على مصابهم بسبب الذل والهوان والاحتلال الأجنبي والضيق الاقتصادي، فإن كثيرًا جدًا من الغربيين يعيشون حياة تعيسة بائسة مليئة بالضنك النفسي والاجتماعي والروحي، بل إن كثيرًا منهم يعيش معاناة اقتصادية حقيقية كذلك؛ لذلك يتوجهون نحو الجريمة والشذوذ والانحراف وربما الانتحار.