وهناك تأكيد من رب العالمين لعباده المؤمنين الصابرين والمخلصين، بأنه جل شأنه ناصرهم ومؤيدهم بالملائكة عند مقارعة ومواجهة الكفر والشرك، حيث قال جل ذكره: تعالى: } بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ {.
وهنا همسة في أذن كل مبتلى لأجل ألا يتحول بلاؤه مضاعفًا فيكون مرضًا نفسيًا مزمنًا، فليعي ما قلنا سابقًا في معاملته نفسه بالصبر حتى يسدّ الباب على الشيطان فلا يلج إلى نفسه } فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ {.
قال عليه الصلاة والسلام: «ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها».
وأنشد أحمد بن يحيى : وكل عسر معه يسر والأمر يأتي بعده الأمر يفنى عليها الخير والشر يسرع فيهـا اليوم والشهـر مفتاح باب الفرج الصبر والدهر لا يبقى على حاله والكره تفنيه الليالي التي وكيف يبقى حـال من حالـه ومن الانتصار: الانتصار على وساوس الشيطان بالصبر فلا يتطور بلاؤه ولا يزداد، فيفتح بهذا الصبر آفاقًا رحبة في نفسه يرى المستقبل أبيض شفافًا بحسن ثقته بالله تعالى ودحره للشيطان.
فيحس العبد بضعفه وقلة حيلته، ويستشعر عبوديته لربه جلّ وعلا، فينال راحة نفسية وثباتًا مع الرضى بما أصابه، ولا يحدث حوله قلقًا وجزعًا ربما آذى غيره ممن لهم صلة به، ويكون قدوة لغيره في مواجهة الشدائد فيصلح حال مجتمعه، لأن كثيرًا من الشرور التي تصيب المجتمع يأتي من جهة الساخطين على ما يصيبهم من شدة وبأس حيث تمتلئ نفوسهم حقدًا وحسدًا فيودون الثورة على كل ما يحيط بهم.
قام أبو طلحة إلى رسول الله فقال: يا رسول الله إنَّ الله يقول في كتابه لَن تَنَالُواْ البِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال رسول الله : { بخ بخ مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيها، إني أرى أن تجعلها في الأقربين }.